تعليق منح القروض لأكثر من 15 سنة في تونس: بين مقتضيات الفصل 412 وتح …
يعود مبوب في مقاله التالي على آخر المستجدات المتعلقة بتمويل المشاريع العقارية.
في ظل التغيرات الاقتصادية والمالية التي تمر بها تونس، اتخذت بعض البنوك التونسية قرارًا بتعليق منح القروض التي تتجاوز مدتها 15 سنة، وهو ما أحدث جدلاً واسعاً في أوساط المواطنين والمستثمرين. وقد جاء هذا القرار في وقت بدأ فيه الفصل 412 من المجلة التجارية، بصيغته الجديدة وفق القانون عدد 41 لسنة 2024، يُثير نقاشاً واسعاً حول مستقبل القروض طويلة الأمد ونسب الفائدة المطبّقة عليها.
ماذا ينص الفصل 412 الجديد؟
ينص الفصل 412 من المجلة التجارية على أنه:
“يمكن للمقترض، بعد مرور ثلاث سنوات على سداد قرض طويل الأمد (تفوق مدته 7 سنوات)، تقديم مطلب كتابي للبنك لطلب مراجعة نسبة الفائدة، إذا كانت الفائدة المتبقية تمثل أكثر من 8% من أصل الدين المتبقي. ويتعيّن على البنك الرد في أجل لا يتجاوز 15 يومًا.“
هذا التعديل جاء في محاولة لإعطاء المستهلك حماية قانونية ضد نسب الفائدة المرتفعة والمبالغ فيها، خاصة في القروض العقارية.
لماذا علّقت البنوك منح قروض تفوق 15 سنة؟
رغم الطابع الحمائي للفصل 412، إلا أن بعض البنوك اتجهت لتعليق منح القروض التي تتجاوز 15 سنة، ويُعزى ذلك إلى:
- ارتفاع مستوى المخاطر: مراجعة نسب الفائدة بناء على طلب الحريف قد يضع البنوك في موقف مالي صعب وغير متوازن.
- ضغط السيولة والحوكمة: القروض طويلة الأمد تُثقل ميزانيات البنوك، خاصة في ظل غياب استقرار اقتصادي واضح.
- التعامل مع تطبيق الفصل 412: بعض البنوك ترى أن الفصل الجديد يمنح الحريف قوة تفاوضية كبيرة، ما قد يؤثر على مردودية القروض مستقبلاً.
تداعيات القرار على السوق والمواطن
- تراجع فرص تملك السكن: المواطنين من الطبقة المتوسطة والموظفين يجدون أنفسهم أمام معضلة الأقساط المرتفعة نتيجة تقليص مدة القروض.
- ركود نسبي في سوق العقارات: مع انخفاض القدرة على الاقتراض، قد يتراجع الطلب على الشقق والعقارات الجاهزة.
- خروج بعض الفئات من السوق العقاري: عدم توفر قروض مريحة زمنياً قد يدفع فئات كثيرة لتأجيل قرارات التملك.
الفصل 412 من المجلة التجارية يفتح بابًا مهمًا لإرساء توازن بين الحريف والمؤسسة البنكية، لكنه في المقابل يفرض على هذه الأخيرة إعادة النظر في سياساتها التمويلية. تعليق منح القروض التي تتجاوز 15 سنة هو نتيجة مباشرة لهذا التحوّل القانوني، ومن الضروري أن تتم مواكبته بخطط وطنية بديلة تضمن حق المواطن في السكن والتمويل، دون الإخلال بتوازن المنظومة البنكية.